الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
شفاء العليل شرح منار السبيل
199982 مشاهدة
التيمم للمحافظة على الوقت

قوله: [ وإن وصل المسافر إلى الماء، وقد ضاق الوقت، أو علم أن النوبة لا تصل إليه إلا بعد خروجه، عدل إلى التيمم ] محافظة على الوقت، قاله الأوزاعي و الثوري وقيل: لا يتيمم لأنه واجد للماء. وهذا قول أكثر أهل العلم. قال معناه في الشرح .
[ وغيره لا. ولو فاته الوقت ]


الشرح: صورة هذه المسألة: مسافر لا يحمل معه ماء، فدخل عليه وقت الصلاة فأخرها إلى أن يصل إلى ماء قريب ليتوضأ منه، فضاق عليه الوقت فلم يصل إلى الماء إلا قبيل خروج وقت الصلاة، فإنه في هذه الحال يتيمم ويصلي خشية خروج وقت الصلاة وهو لم يؤدها.
وهكذا مثله من علم أن نوبته في الحصول على الماء من البئر ونحوه لا تأتيه إلا بعد خروج الوقت فإنه يتيمم ويصلي، والنوبة اسم من المناوبة، فيقال: جاءتك نوبتك أي حصتك.
وذهب جماعة من العلماء في الصورتين السابقتين إلى أنه لا يتيمم لأنه واجد للماء، فيلزمه أن يستعمل الماء ويصلي، ولا يعدل إلى التيمم ولو خرج وقت الصلاة؛ لأنه فعل ما في وسعه وقدرته، وقد قال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا .
والصواب: القول الأول محافظة على الوقت، لقوله تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا أي مفروضا في الأوقات، فلا يجوز له تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها وهو مقيم صحيح قادر، لا عذر له إلا تأخر الحصول على الماء، فالماء له بدلا وهو التيمم، وتأخير الصلاة تفريط ذم الله أهله بقوله: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ وقد فسر السهو عنها بتأخيرها حتى يخرج وقتها بدون عذر، كما ذكر ذلك ابن كثير وغيره.